شكلت العلاقات الجزائرية الفرنسية والذاكرة المشتركة بين البلدين وكذا الدستور الجزائري وأسس بناء الدولة الجديدة والأوضاع الاقتصادية ومستقبلها وكذا النصوص القانوني الجديدة لحماية الأطباء محور لقاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية.
وكشف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن تعيين المستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية عبد المجيد شيخي ممثلا عن الجانب الجزائري في العمل الجاري مع الدولة الفرنسية حول الملفات المتعلقة بالذاكرة الوطنية واسترجاع الأرشيف الوطني.
ويقابله، عن الجانب الفرنسي المؤرخ بنجامين ستورا لما له من دور في “تسهيل الأمور والخروج من التشنج السياسي والاستغلال السياساوي”.
وأشاد تبون بالكفاءة الكبيرة لعبد المجيد شيخي في هذا المجال، كونه الأدرى بالملفات التي سيتناولها الجانبان، خاصة بحكم توليه لمنصب المدير العام لمؤسسة الأرشيف الجزائري.
وأكد الرئيس أنه اتفق مع نظيره الفرنسي على عمل الطرفان في هذا الاتجاه وأن أن “الأمور أصبحت واضحة تقريبا، دون أي تشنج”.
ولدى تطرقه للعلاقات الاقتصادية الدولية ومحل فرنسا منها، قال تبون “لم نقص فرنسا، ونحن نعمل على استرجاع ذاكرتنا الوطنية مع العمل، الند للند مع فرنسا (في المجالات الأخرى) حسب ما تمليه مصالح كل بلد”.
من جهة أخرى، وسياسيا، شدد رئيس الجمهورية أن التغيير الهيكلي للدولة الجديدة يتطلب “دستورا جديدا يأخذ العبرة من كل الدساتير الماضية ليكون توافقيا ويدوم لأطول مدة ممكنة”، مبرزا “ضرورة إعادة اللحمة بين الجزائريين”.
وأضاف أن الدستور الجديد “ستبنى عليه مؤسسات منتخبة وغير منتخبة ومجالس وهيئات وطنية أخرى تساعد في الرقابة ثم التوصل من خلال هذا الدستور إلى قوانين تضمن أخلقة الحياة السياسية والاقتصادية”.
داعيا في هذا السياق إلى ضرورة “الفصل نهائيا بين الماضي والحاضر من أجل بناء مستقبل يكون امتدادا للحاضر”، إذ أن هدف الجزائر الجديدة يتمثل في “إنقاذ الوطن الذي يشكل واجبا وطنيا وحقا لكل الجزائريين”، مجددا أن “الجميع مرحب به للمشاركة من أجل الخروج من الوضعية التي تعيشها البلاد وتفادي دوامة ممارسة الإقصاء من طرف من يكون في التسيير”. وصرح تبون أن “الرسالة الحقيقية لـ 22 فيفيري هي إحداث تغيير في نمط تسيير البلاد …تراكمات أزيد من 20 سنة تتطلب تغييرات جذرية لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها …النية الحسنة والإرادة موجودة لتحقيق ذلك بالرغم من تداعيات أزمة كورونا”.
وتابع في الشأن الاقتصادي، أكد رئيس الجمهورية، أنه سيشرع عما قريب في إحداث تغييرات جذرية على الاقتصاد الوطني لتحريره من “عقلية الريع” والمضي به نحو خلق الثروة والتنافسية والابتكار يكون فيه المورد البشري أساس التنمية. وستحقق ذلك بإنشاء نسيج قوي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مدعم بشبكة من المؤسسات الناشئة المبتكرة والمؤسسات المصغرة، مؤكدا أن هذا النسيج سيكون قاطرة الاقتصاد الوطني مستقبلا.
وكشف تبون أن “الدولة عازمة على تخفيض تأثير المحروقات على الاقتصاد الوطني إلى 20 بالمائة مع نهاية سنة 2021 ” .
وذكر رئيس الجمهورية أن الجائحة التي تمر بها الجزائر على غرار باقي دول العالم هي اختبار حقيقي وفرصة لتغيير منهجية العمل لما بعد كوفيد-19، مؤكدا أن لقاء 16 و17 أوت المقبل حول خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي سيكون أرضية أساسية نحو اقتصاد قائم على الابتكار والتنويع.
وفي إجابته عن سؤال حول ظاهرة الاعتداءات المتكررة على السلك الطبي وشبه الطبي وعمال المستشفيات، أكد تبون، أنه سيتم تشديد العقوبات ضد الأشخاص المعتدين على الأطقم الطبية في المستشفيات، وهذا بموجب “أمرية رئاسية في شكل قانون” سيتم التوقيع عليها خلال الأسبوع القادم، “أنا أتألم كشخص وكمواطن وكرئيس أننا نصل اليوم لنجد أن هناك من يعتدي على أطباء وممرضين لم يروا أبناءهم منذ أربعة أشهر وهم في الواقع بمثابة مجاهدين”. وأضاف قائلا “أنا أتكلم باسم الشعب الجزائري وأؤكد أن الأطباء هم تحت الحماية الكاملة للدولة الجزائرية والشعب الجزائري”.
وحذر رئيس الجمهورية كل من تسول له نفسه الاعتداء على الأطقم الطبية، مؤكدا أن العقوبات ستكون مشددة ضد الأشخاص المعتدين، سواء بالعنف اللفظي أو الجسدي، وستتراوح ما بين 5 و 10 سنوات حبسا نافذا.
وانتقد، من جهة أخرى، التأخر المسجل في حصول مهنيي الصحة على المنحة الاستثنائية التي أقرتها الدولة لهم تعويضا لهم عن مواجهة جائحة كورونا (كوفيد-19)، قائلا في ذات السياق “هذا عيب كبير. في بعض الأحيان، توجد لامبالاة على المستوى التنفيذي في ابسط المسؤوليات، لكننا سوف نتصدى لهذه البيروقراطية”.
وأكد رئيس الجمهورية أن “الدولة ستقوم بالتكفل بصغار التجار والحرفيين المتضررين من آثار فيروس كورونا وستقوم بتعويضهم”.
وبخصوص عيد الأضحى المبارك، قال رئيس الجمهورية أن “الأضحية من الناحية الدينية سنة، أما من الجانب الصحي، فهناك خطر (…) ولا يمكن لنا أن نتسامح مع من يعرض صحة المواطن للخطر”.
وأضاف فيما يتعلق بغلق المساجد أن كل الجزائريين يتأسفون اليوم لغلق المساجد فيما يتحسر الشباب على غلق المساحات، ولكن لكل ظرف أحكام، داعيا الجزائريين إلى التحلي باليقظة والوعي لمواجهة هذا الوضع.